الملفونو عبّود منصور قريو
سوريا ـ حلب
ولد المهندس عبود منصور قريو في مدينة حلب عام 1938. شغل عدّة مناصب منها عضو في المجلس لكنيسة مار جرجس – حيّ السريان بحلب من عام 1992 إلى 1994، وكان أيضاً عضواً في اللجنة الاستشاريّة لمطرانيّة السريان الأرثوذكس بحلب في الفترة من 2002 إلى 2003. ترأّس اللجنة الثقافيّة في اللجنة الخيريّة من عام 2006 إلى 2019، وشغّل عدّة مناصب رئيسيّة في لجان البناء والتعليم والثقافة والدورات التعليميّة للشهادتين الإعداديّة والثانويّة. توفّي المهندس عبّود منصور قريو يوم الاثنين 26 حزيران 2023، وتمّ تشييع جثمانه بحضور حشد كبير من رفاقه وأصدقائه ومحبّيه.1
عدد صفحات المشاركة 11 صفحة (A4) .
من الهجرة والتضحية إلى الانتماء والإيمان
مراحل بناء كنيسة مار جرجس بحيّ السريان
إنّ سريان الرُّها الّذين حلّوا في حلب والمهجّرين قسراً من ديارهم عام 1924، تاركين الأرض والديار والبيوت والكنائس والأديرة، ولكنّهم حملوا معهم حضارة الأجداد وإيمان الآباء، وبنوا كنيسة صغيرة من الخشب دامت من عام 1926 حتّى 1932، إلى أن أُقيمت في موقعها الكنيسة الحاليّة (كنيسة مار جرجس)، وهي الكنيسة الجميلة الّتي احتضنت شعبنا كالأمّ الحنون لا تفرّق بين صغير وكبير ولا غنيّ وفقير، تجمعنا على المحبّة والإيمان، ولهذه الكنيسة قصّة دراميّة طويلة ممزوجة بالتضحية والعطاء، كشعب مهجّر وفقير، لا يعرف اللغة العربيّة ويسكن تحت الخيام، ولكنّه يمتلك العزيمة والحضارة.
في عام 1929 برزت إلى الوجود جمعيّة صغيرة للإنشاء مؤلّفة من السادة: مقديس سركيس طورطور – بطرس خضر – أفريم خضر -أفريم قمر – يعقوب حمامجي – يعقوب أسطو وغيرهم. كانت مهمّتها جمع التبرّعات، واستطاعت حتّى عام 1932 جمع 16 ليرة ذهبيّة، وفي 11 أيلول من عام 1932، بُوشر بحفر الأساسات، وفي المساء كانت الأساسات قد امتلأت بالبيتون وصندوق التبرّعات بالمال، وبدأت الجدران ترتفع وظهر الشكل المعماريّ للكنيسة، وقد تعهّد هذا العمل الخبير المعماريّ الأوسطة أفريم خضر حتّى عام 1935، ولم يبق على الانتهاء من البناء سوى الأعمدة والسقف.
في عام 1937 تمّ صبّ السقف بالإسمنت المسلّح بدلاً من السقف القديم المصنوع من صفائح التوتياء، وقد أشرف على هذا العمل الكبير الخبير المعماريّ إبراهيم حجّار، وعند المساء قامت النساء الرهاويّات بتحضير الكبّة بعدس، وجلس العمّال والشعب، وتناولوا من هذه المائدة، وشكروا اللّه على عطاياه، وقد تمّ صبّ أربعة أعمدة تعبيراً عن الأناجيل الأربعة وقبّة في المنتصف تحتوي على 12 شبّاك، ترمز إلى عدد تلاميذ السيّد المسيح، وفي عام 1939 – 1945 توقّف العمل في البناء بسبب الحرب العالميّة الثانية.
وفي عام 1949 – 1953، انتهى ما يلزم للكنيسة من زريقة وكهرباء ومقاعد خشبيّة وستائر، حتّى برزت بشكلها الحاليّ الجميل، كنجمة الصباح تُبهر العيون بجمالها وطرازها المعماريّ.
وفي السادس من أيّار من عام 1953 المصادف لعيد القدّيس مار جرجس، كانت شوارع حيّ السريان وساحاته مزدانة بأقواس النصر واللافتات الترحيبيّة بقداسة البطريرك مار أفرام الأوّل برصوم الّذي حضر إلى حلب لتقديس الكنيسة، حيث اُستقبل من الشعب، وعلى أنغام موسيقا الكشّاف وزغاريد النساء، واحتفل قداسته بطقس تقديس الكنيسة، وتمَ تدشينها على اسم كنيسة قديمة في أورفا في القرن الخامس.
وانتهت هذه الملحمة الكبيرة الممزوجة بالمحبّة والإيمان وكما يقول السيّد المسيح عن الإيمان وقوّته: فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ.” (مت 17: 20). نعم لقد قال الشعب الرهاوي لكنيسته في الرُّها، انتقلي من الرُّها إلى حلب، فانتقلت وأصبحت الوريث الشرعيّ لكنائس الرُّها المندثرة بفعل الهجرة.
الأرض التي استقر عليها شعبنا لحظة وصوله إلى حلب والتي تُعرف اليوم بحي السريان القديم
الأعمال الخيريّة عند السريان
الأعمال الخيريّة موجودة في تاريخنا منذ عهد مارّ أفرام السرياني في القرن الرابع 372م، يوم حلّت بسكّان الرُّها (أورفا) مجاعة هائلة رافقتها أمراض سارية، فبادر قدّيسنا مارّ أفرام بالعمل على تخفيف أعباء الفقر والمرض، وأشعل الحماس في ضمائر الميسورين، وحرّك مشاعرهم الإنسانيّة، فوضعوا أموالهم بين يدي قديسنا لمساعدة الفقراء ومواساة المرضى، فانقلبت الكآبة إلى ابتسامة والشقاء إلى سعادة، ومنذ ذلك الوقت أصبح من تقاليد السريان أن يبنوا مدرسة بجانب الكنيسة للحفاظ على ثقافة وحضارة الأجداد، وأيضاً دار للعجزة للفقراء للحفاظ على كرامة الإنسان، ويدير هذه الدار جمعيّة خيريّة تساهم في التخفيف عن معاناة الإنسان من جرّاء الفقر والمرض والعوز.
وبعد هجرة سكّان الرُّها، تأسّست لجنة خيريّة في مخيّم السريان بحلب عام 1927، وقد أدّت مهمّتها ورسالتها الإنسانيّة بكلّ إخلاص ونكران للذات، ومنذ ذلك الوقت وحتّى يومنا هذا، منهم من خدم فيها لبضع سنوات، ومنهم من قضى فيها سنوات عديدة والعمل دون كلل أو ملل من أمثال: أفرام فستقجي وموسى توكّمه جي وأخيه جرجي ويعقوب طنطاق ورزق اللّه طورو وسعيد طورو وجرجي بالقجيّ وجرجي حمامجي وإبراهيم كلور وسليم كلو والمختار جرجي سويركلي، ومنهم أيضاً سليم طورو وبطرس طورو وبشير كلور وزكي ميناس ورزق اللّه نامق وعبد النور أودول والشمّاس لطفي شاهان وغيرهم (اعتذر من نسيان بعض الأسماء فهم عند اللّه مذكورون).
ولهذه اللجنة فرع نسائيّ يزور البيوت، لجمع التّبرّعات المتواضعة والتّعرّف على حاجة الأسر المستورة، وكانت إحدى إداراتها والمؤلّفة من السّيّدات: نعيمة آروش ومريم مختار وإنجيل بقّال وسلمى قولطقجي واميلين طورو ونعيمة جاي أوغلي… وغيرهنّ.
وفي عام 1950 تأسّس فرع مواساة المرضى، الّذي يُعنى بشؤون المرضى الفقراء بمساعدة بعض الأطبّاء الإنسانيين، من أمثال الدكتور إبراهيم حلّاق وحلمي عبد المجيد وكميل عريس وغيرهم، هذا وقد خُصّصت بعض المشافي الخاصّة سريراً أو أكثر مجانياً لأبناء الطائفة، وقد بدأت اللجنة أعمالها بعضويّة كلّ من السادة: يوسف خوري وأغناطيوس دكرمنجي ويعقوب شربو وبطرس خضر وإلياس بردقجي وجرجي داغجي وجرجي آجي وموسى توكّمه جي ومنير سيفري وأبكار ياندم وجورج طورو كان آخر رئيس لهذا الفرع، ثمّ انضمّت إلى اللجنة، وأصبحت تعمل تحت إشرافها كفرع من فروعها.
وكان لهذه اللجنة أيضاً فرع نسائيّ، وكانت إدارتها تتألّف من السيّدات فهيمة بيشار وجوزفين طورو وروزه ساعاتي وسارّة أبكار وراحيل هادو وبوليت مقصود وراحيل بيدروس وسارّة مختار وسيرينا دكرمنجي وغيرهنّ.
تتكوّن واردات اللجنة الخيريّة بشكل عامّ من تبرّعات المحسنين، من بدل كورونات الزهور عن أرواح الموتى، ومن تبرّعات السريان المغتربين الّذين لم ينسوا يوماً أخوّتهم، ومن بعض الحفلات الخيريّة الّتي تحضرها النساء أمثال حفلات (السمسك، كباب الباذنجان، ومنتصف الصوم أي الميجينك وأيضاً التبرعات من معارض المأكولات وغيرها.
تُنفق هذه الواردات على الفقراء والأسر المستوردة وفق ما يلي:
رواتب شهريّة للمحتاجين – تأمين الأدوية لكافّة المرضى – معالجة الأمراض داخل المشافي الخاصّة -توزيع المونة على الأسر الفقيرة أمثال: البرغل والزيتون والزيت والسمنة والجبنة، وكلّ مادّة غذائيّة حسب وقتها -دفع كافّة مصاريف الدفن للفقراء -منح طلّابيّة لأبناء الطائفة في المدارس الثلاثة بني تغلّب الأولى والثانية والإنجيلية، حيث تصل نسبة المساعدة حتّى 30% من القسط السنويّ.
رحم اللّه كلّ من عمل خيراً في هذه اللجنة، ورحل عن هذه الدنيا، وبوركت أيادي كلّ من عمل ويعمل وهو على قيد الحياة، وأطال اللّه من عمره، وحماه من كلّ مكروه.
المرأة السريانيّة الرهاويّة بعد الهجرة
وأخيراً كان الرحيل عن مهد الآباء والأجداد في عدد من القوافل ضمّت حوالي /٦٠٠/ أسرة سريانيّة من سكّان الرُّها الأصليّين، وتحرّكت القوافل إلى حلب بتاريخ ٢٥ شباط من عام ١٩٢٤، سكن بعضهم في الخانات داخل أسوار مدينة حلب، وتوجّه الآخرون إلى مركز مخيّم اللاجئين على سفح جبل سُمّيّ فيما بعد بحيّ السريان، حيث نصبوا الخيام على هذا الجبل؛ وقد عمل الرجال أعمالاً مختلفة مثل (حجاريين _ النول اليدويّ _ صناعة الأحذية) وغيرها من الأعمال الحرفية.
أمّا المرأة، فقد وقفت إلى جانب الرجل في البيت وخارجه، وحافظت على تماسك الأسرة، وهي قامت بتربية جيل صالح مسلّح بالعلم والمعرفة، أمّا خارج البيت، فقد ساهمت في الكسب المادّيّ لتأمين لقمة العيش للأسرة، ذلك من عملها في عدّة مجالات متواضعة منها رتي الملابس البالية في الخانات والعمل في معامل التبغ والتنباك (الريجيّ)، ومعامل تحضير ورق السجاير وعلبها (الرباط) وغيرها من الأعمال البسيطة.
وتعلّم الجيل الشابّ من الفتيات خياطة القمصان، حتّى تحوّل الحيّ إلى ورشة كبيرة لخياطة القمصان الّذي كان يدرّ عليهم بعض المال وهم في البيوت.
ولم يقتصر نشاط المرأة على الأعمال للكسب المادّيّ، بل شاركت بنشاط في المؤسّسات الخيريّة والاجتماعيّة والرياضيّة.
في الأعمال الاجتماعيّة
في عام ١٩٤٦ قامت مجموعة من السيّدات بتشكيل لجنة اجتماعيّة تحت اسم (اتّحاد الشابّات) ضمّت سيّدات وفتيات صغيرات متعلّمات.
وفي عام ١٩٤٨ شكلن فوج المرشدات للكشّافة برئاسة العميدة نجيبة يشوع.
في الأعمال الخيريّة
كانت الأعمال الخيريّة مُقتصرة على الرجال حتّى ستّينات القرن الماضي، فقد طرحت مجموعة من السيّدات فكرة جديدة للاهتمام والاعتناء بالفقراء والعجزة، فانضمّت إلى اللجنة الخيريّة مع الرجال، وبدأت بتحضير الطعام للعجزة وتوزيع المعونات العينيّة والمادّيّة على العائلات المستورة وجمع التبرّعات من البيوت وتقديم ما يجمع من أموال إلى لجنة مواساة المرضى.
في المجال الرياضيّ
مارست الفتيات الرياضة من خلال نادي الشهباء الرياضيّ، وشكّلت فرق كرة السلّة وكرة الطائرة ثمّ كرة القدم.
وتشكّل أول فريق كرة قدم نسائيّ في سوريّة من فتيات السريان، يدرّبهم المدرّب جورج بلطة، ولعبت أوّل مباراة بتاريخ ٣١ / ١٠ / ١٩٧١ مع فريق الأشبال وفازت عليه.
هذه لمحة موجزة عن نشاط المرأة السريانيّة الرهاويّة، رحم اللّه من غادر هذه الدنيا، ونتمنّى التوفيق والنجاح لمن بقي على قيد الحياة في جميع مجالات الحياة. فالمرأة نصف المجتمع، وتربّي النصف الآخر.
الطعام الرهاوي
كانت الرُّها تقع على طريق الحرير، حيث تمرّ منها القوافل القادمة من أوربا والذاهبة إلى الهند، محمّلة بالحرير لتجلب منها التوابل المشهورة بها وخاصّة الحارة منها، وقد عرف الرهاويون هذه التوابل، وتذوّقوها وخاصّة الفليفلة الحمراء ملكة المائدة الرهاويّة، فهي تُؤكل طازجة مع معظم الأطعمة ومشويّة ومقليّة ومجفّفة ومطحونة، وعلى شكل دبس، فقلّما تجد أكلة رهاويّة تخلو من الفليفلة الحمراء الحارة، ففي محشي الفليفلة تُتبّل الحشوة أيضاً بالفليفلة الناعمة.
أودّ أن أعطي على سبيل المثال لا الحصر لمحة عن هذه الأطعمة المميّزة
– كباب باذنجان وهو ملك الكباب على الإطلاق، وملحقاته من فليفلة حمراء وبندّورة وبصل والكلّ مشويّ على الفحم. الكبّة النيّة (أم الكبب) وهي اختراع المرأة الرهاويّة، واللقلقون، والكبّة الصياميّة بنوعيها المحشوّة بالسلطة والمحشوّة بالسمسم والطحينة. والكبيبات، وكبّة العدس، وكبّة الزيت، وكبة الايتش. البورانيّ، وهو إبداع رهاوي سأتحدّث عنه لاحقاً. السمسك، ومحشي البرغل بالباذنجان والفليفلة الحمراء، وقازان كبابي بنوعيه بالباذنجان والبندروة. هذا غيض من فيض من الأطعمة الرهاويّة الطيّبة.
المرأة الرهاويّة تخترع الكبّة النيّة
يُقال إنّه كان هناك شخص يُدعى نمرود وهو العدوّ اللدود لإبراهيم الخليل الّذي كان يسكن حرّان قرب الرُّها، وخوفاً من مهاجمة نمرود له ليلاً منع إبراهيم الخليل إشعال النار بعد غياب الشمس في الرُّها. في أحد الأيّام عاد رجل رهاوي من الصيد إلى منزله ومعه صيد غزال وبرفقته ضيف، وطلب من زوجته تحضير طعام العشاء، ولكن كيف تحضّر العشاء دون إشعال النار لشويّ الغزالة وطبخها. هنا فكّرت المرأة بطريقة تحضّر من خلالها العشاء دون إشعال النار، ولتبيّض وجه زوجها أمام الضيف، فما كان منها إلّا أن قطعت هبرة الغزال، ودقّته مع البرغل والفليفلة الحمراء، وقدّمته للضيف وهي مرتبكة، فأعُجب الضيف بالأكلة، وهكذا أصبحت أشهر أكلة في بلاد ما بين النهرين وسوريّة وبلاد الأرمن، وهي الأكلة الوحيدة الّتي تؤكل فيها اللحمة نيئة.
الرهاويّون يُبدعون في أكلة البورانيّ
يُحكى أنه في أثناء زواج الخليفة العبّاسيّ المأمون من الأميرة بوران الفارسيّة، طلب من طهاة البلاط ومعظمهم من الرُّها أن يقدّموا أكلة بهذه المناسبة لم تُطبخ من قبل، وكان الوقت ربيعاً حيث تكثر فيه الكمأة (الكماية) والسلق ولحم الضاني (لحم الخروف) ولبن الغنم والحمّص والثوم، فكانت البورانيّ وسمّيت باسم الأميرة بوران. هذا غيض من فيض عن الطعام الرهاويّ الفاخر الّذي ينمّ على ذوق عال في الطعم والرائحة وطريقة التقديم.
وفي شباط من عام 2019، كتب الملفونو عبّود قريو مقالاً بمناسبة الذكرى الخامسة والتسعين لهجرة سريان من الرها، نرفقها في الأسطر التالية:
لمحة تاريخيّة
بدأت الحرب العالميّة الأولى بين النمسا وألمانيا وبلغاريا وتركيّا من جهة وإنكلترا وروسيا وإيطاليا وفرنسا، وانضمّ إليهم الولايات المتّحدة الأمريكيّة و / ۱۹/ دولة أخرى، ودامت هذه الحرب من عام ١٩١٤ حتّى عام ۱۹۱۸ حيث ذهب ضحيّتها حوالي / ۲۰/ مليون نسمة، بالإضافة إلى الدمار الّذي خلّفته هذه الحرب، وعلى إثرها أعلنت الدولة التركيّة النفير العامّ السفر برلك، ولم يُستثنى أيّ إنسان ذكر مهما كان دينه من التجنيد والحرب على جبهات القتال في قناة السويس والقفقاس وجنق قلعة، كما أصدرت الحكومة العثمانيّة قراراً بتهجير الأرمن من وطنهم في شمال تركيّا إلى البلاد السوريّة (حلب – دير الزور) بحجّة أنّهم يتعاونون مع الأعداء الروس، وكان الأرمن يعيشون في ستّة / ٦ / ولايات أرمنيّة شمال شرقيّ الأناضول وهي: موش – وان بدليس – خربوط – أرضروم – سيواس، وتركيّا كما عرفت بأنّها دولة عنصريّة حاقدة على جميع الأقلّيّات، وعلى الأرمن بالدرجة الأولى، فقد صدر الفرمان المشؤوم القاضي بتسفير الشعب الأرمنيّ وسوقه كما تساق الخراف إلى المسلخ مشياً على الأقدام؛ ومن هنا جاءت كلمة سوقيّات، وبادرت ألمانيا تضامنها مع حليفها التركيّ، وأعلنت تأييدها على الفرمان العثمانيّ، فأقرّت في مجلس النوّاب الألمانيّ في شهر كانون الأوّل عام ۱۹۱٤، أي قبل قيام السوقيّات القرار التالي: لقد قرّر مجلس النوّاب الألمانيّ تهجير ونفي الشعب الأرمنيّ؛ لأنّهم خانوا وسيخونون قريباً، ونحن نعلم أنّهم بيعوا للعدوّ الروسيّ، وذلك بالنسبة لنا نحن الألمان مسألة حياة أو موت، وقد وافقنا على (تدمير) أعدائنا حيثما وجدوا وبأيّ اسم دعوا. وقد جاءت كلمة (تدمير) بمثابة وثيقة جيّدة في نفوس السلطات التركيّة الحاقدة، وأعطتها دفعاً كبيراً للقضاء على الشعب الأرمنيّ بأسرع ما يمكن وبطريقة وحشيّة. إنّ المجزرة قامت بسبب دينيّ وعنصريّ، وقد تجاوز عدد الضحايا مليون ونصف أرمنيّ، وتشرّد من نجا منهم في أصقاع الأرض.
شهداء السريان
بعد أن تمّت تصفية الأرمن بأمر من الحكّام الأتراك ورجال الدين من المشايخ الموالين للسلطة العثمانيّة فتاوى بقتل جميع المسيحيّين لأنّهم كفرة والاستيلاء على أملاكهم وأموالهم.
وسبي نسائهم؛ لأنّهم كفرة وواجب المسلم التركيّ الشرعيّ الجهاد ضدّ الكفّار، وإنّ الحكومة التركيّة لن تحاسبهم على أعمالهم، وقامت الحكومة والشعب التركيّ والعشائر بقتل وتشريد المسيحيّين في الولايات الشرقيّة، ماردين – أورفا – ديار بكر – أمد – سعرت – منيّات – خربوط. لقد قدّم المسيحيّون حوالي / ٦۰۰۰۰۰ / شهيد من سريان وآشوريين وكلدان وغيرهم، وبلغ عدد الضحايا السريان أكثر من / ۲۰۰۰۰۰ شهيد، وقضت على معظم الأبرشيّات بسبب استشهاد وهجرة أهلها إلى بلاد اللّه الواسعة، ودُمّرت الكنائس وأديرة كثيرة الّتي لعبت دوراً هامّاً في بلاد ما بين النهرين في نشر الحضارة والمدنيّة، وتبعثرت المخطوطات الثمينة والمكتبات النفيسة، وخسر السريان ممتلكاتهم وأراضيهم. ولدينا وثيقة مقدّمة إلى وزارة الخارجيّة البريطانيّة عام ۱۹۲۰ والبرلمان البريطانيّ ومعها مذكّرة مؤرّخة في ۸ آذار من عام ۱۹۲۰ وهما محفوظتان في أرشيف وزارة الخارجيّة البريطانيّة في لندن تؤكّدان على شرعيّة وحقوق الكنيسة والشعب السريانيّ في المطالبة بديمومة السريان في أرض بلاده وأجداده وحرّيّته في ممارسة معتقده والمحافظة على هويّته وتقاليده ولغته والملحق المرفق يعتبر وثيقة تاريخيّة لعدد الضحايا من مدن بلاد ما بين النهرين والدمار الّذي أصاب الكنائس والأديرة وملخّصها: عدد الضحايا ۹۰۳۱۲ نسمة – إبادة ١٣٥٠٠ عائلة، وأفرغت ٣٢٥ قرية من أهلها – عدد الكنائس والأديرة المدمّرة / ١٦٠ / كنيسة ودير وعدد الشهداء من رجال الدين / ١٥٥/ شهيداً عدد الشهداء من المطارنة /٧/ شهداء.
تهجير سريان الرها
لقد هاجر ممّا قد نجا من المجزرة من شعبنا السريانيّ هجرات إفرادية إلى بلاد اللّه الواسعة وخاصّة إلى سوريّة. وأمّا شعبنا السريان الرهاوي، فقد صمد في بلاده، بالرغم من الذبح والتنكيل حتّى إعلان الجمهوريّة التركيّة في تشرين الثاني من عام ١٩٢٣، فصدرت الأوامر بتهجير شعبنا من الرها في ٢٥ شباط من عام ١٩٢٤ إلى الأراضي السوريّة، وضمّت حوالي / ٦٠٠ / أسرة سريانيّة من سكّان الرها الأصليّين، ومنها / ١٥/ أسرة سريانيّة من سويرك /و / ۲۰/ أسرة سريانيّة من رعايا الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة وغيرهم. وتحرّكت القوافل الواحدة تلو الأخرى باتّجاه ولاية حلب عبر بلدة سروج – عين العرب – زور مغارة – جرابلس خلال شهري شباط وآذار، وكان الرحيل طويلاً وشاقّاً والشتاء لا يرحم بأمطاره ورياحه الباردة وعند الوصول إلى حلب قصد بعضهم الخانات القديمة بجوار القلعة (المدينة القديمة) المخصّصة لإيوائهم، بينما نزل الآخرون من القطار إلى مركز (مخيّم السريان للّاجئين) بهمّة المطران مار سیریوس أفرام برصوم مطران سوريا ولبنان للسريان الأرثوذكس الّذي اتّصل بسلطات الانتداب الفرنسيّ وبالزعماء الوطنيّين الأحرار لإغاثة المهاجرين السريان القادمين من تركيّا وإسكانهم في بقعة قريبة من محطّة القطار (محطّة بغداد) بحلب حيث نصب لهم خياماً يسكنون فيها في بادئ الأمر. كان لهذا المخيّم حسنات، إذ حافظ على وحدة الأسرة الرهاويّة من التشتّت كما ساعد كنيسة الرها المنقولة إلى سوريّة على الاستمرار في البقاء بعد انهيار أبرشيّة الرها الّتي اندثرت مع أبرشية سيورك وخربوط وغيرها.
وحمل الرهاويّون معهم جانباً يسيراً من تراثنا الفكريّ والدينيّ من بقايا مكتبة الرها الشهيرة منها كتب صلوات وفروض دينيّة وطقسيّة، وحملوا ذخائر الكنيسة وجرسها على صدورهم والحضارة والإيمان القويم في قلوبهم والجرس يعود إلى كنيستهم في الرها كنيسة مار بطرس وبولص.
ونظراً لعدم معرفتهم اللغة العربيّة، فقد عمل الرجال والنساء أعمالاً لا تحتاج إلى لغة لكسب قوت يومهم، ومنهم من يعرف المهن البسيطة حجّار – النول اليدويّ – الأحذية وحتّى العتالة (حمّالين) والمرأة كذلك عملت في الخانات رتي الثياب المستوردة (البالّة) وفي معامل التبغ والتنباك ومعامل ورق السجاير وعلبها (الرباط) وغيرها.. وبعد إحصاء النفوس لأوّل مرّة في سوريّة عام ١٩٢٥ منحت الحكومة السوريّة الجنسيّة السوريّة عام ١٩٢٦ لكل من كان على أراضيها ومنهم السريان الرهاويّون، وبذلك اندثر ما كان الرحيل عن أرض الأجداد وحبّ العودة، ولم يطل الوقت حتّى ارتدى السريان ثوباً وطنيّاً جديداً أوجدت اندفاعاً في الأفراد للتغلّب على البؤس والشقاء والاندماج في الوطن الجديد وبدأوا في بناء المنازل الخشبيّة ثمّ البيوت من الحجر الكلسيّ الحوار والأسقف المعدنيّة (توتياء)، ولم يبق من هذه البيوت الخشبيّة سوى بيت العبادة أي الكنيسة الخشبيّة الصغيرة الّتي أقيمت لممارسة الطقوس الدينيّة في أوائل عام ١٩٢٦، وظلّت هذه الكنيسة حتّى عام ١٩٣٢ إلى أن أقيمت. مكانها الكنيسة الحاليّة المعروفة اليوم بكنيسة مار جرجس.
الكنيسة الخشبيّة 1926
بناء كنيسة مار جرجس في حيّ السريان ١٩٣٢ – ١٩٥٣
إنّ السريان المهاجرين من الرها الّذين حلّوا في حلب على جبل خارج المدينة، وقد تركوا الأراضي والكروم والديار والكنائس الجميلة والعريقة. في عام ١٩٢٦ بنوا كنيسة بسيطة من الخشب في موقع الكنيسة الحاليّ الّتي دامت حتّى عام ١٩٣٢، إلى أن أقيمت في موقعها الكنيسة المعروفة باسم كنيسة مار جرجس في حيّ السريان، ولهذه الكنيسة قصّة دراميّة طويلة ممزوجة بالعطاء والتضحية الّتي تعود شعبنا السريانيّ عليه. وإليكم المراحل الّتي مرّت بيّناتها كما رواها المرحوم يوسف نامق في كتابه (القافلة الأخيرة) كشاهد عيان.
جمعيّة الإنشاءات
في عام ۱۹۲۹ برزت إلى الوجود جمعيّة صغيرة تدعى (جمعيّة الإنشاءات (كان هدفها كما يدلّ عليه اسمها البناء والعمران في حيّ السريان، وقد انتسب إليها عدد من الرجال الغيورين أمثال: مقدسي سركيس سوير كلي طورطور – بطرس خضر – أفريم خضر – أفريم قمر – يعقوب حمامجي – يعقوب أسطو وغيرهم، وسعى أعضاء هذه الجمعيّة لتحقيق غايتهم السامية حتّى منتصف عام ۱۹۳۲، فجمعوا التبرّعات من المؤمنين بطرق مختلفة منها: توزيع صورة هيكل كنيسة مار بطرس وبولص في الرها، وقد كتب على ظهرها باللغة السريانيّة ما نصّه: هذه صورة هيكل كنيسة مارّ بطرس وبولص في مدينتنا الرها في بلاد ما بين النهرين الّتي هجرنا منها نطلب مساعدتكم بكرم.
في ٢٠ كانون الثاني عام ١٩٢٩ استطاعت هذه الجمعيّة جمع /٨٠/ مجيدي، أي ما يساوي آنذاك /١٦/ ليرة ذهبيّة حتّى عام ۱۹۳۲، وكان لهذا المبلغ شأن كبير في إنجاز الخطوات الأولى نحو بناء الكنيسة.
المباشرة ببناء الكنيسة
وجاء يوم اللقاء يوم الواجب والعمل لتسجيل الصفحة الأولى من أخبار حيّ السريان في حلب وما أن أشرقت الشمس حتّى التقى الشعب رجالاً ونساء كباراً وصغاراً في باحة الأرض الّتي ستبنى عليها الكنيسة حاملين المعاول والمطارق، وأزالوا الكنيسة الخشبيّة، وجهّزوا المكان استعداداً لحفر الأساسات. وقبل الموعد المحدّد لحفر الأساسات بيوم واحد طاف المنادي (العم عَمَلو) في شوارع الحيّ معلناً اقتراب اليوم المنشود في بناء الكنيسة السريانيّة المنقولة من الرها إلى حلب، وقد جاء صوته داعياً الشعب قاطبة للاشتراك في مثل هذه الوليمة السماويّة. وفي صباح اليوم التالي شاهدنا جمهوراً غفيراً من الرجال والنساء تحتشد في الساحة المخصّصة لبناء الكنيسة، وفي قلوب الكثيرين حماسة كحماسة السريان القدامى الّذين شيّدوا الكنائس، وأقاموا المدارس والأديرة. وفي تلك اللحظات تناول أحد أعضاء اللجنة معوّلاً، ووضعه في وسط الشعب، ونادى بالمزايدة بأعلى صوته لمن يريد أن يزيد ممّن يرغب أن يكون أوّل من يباشر بحفر الأساسات، ويضرب أوّل معوّل في أساسات الكنيسة. وبدأت الهتافات تختلط بزغاريد النساء تشقّ عنان السماء، ومرّ علينا مشهد فريد من نوعه إذا تقدّمت نحو هذا المعول أرملة فقيرة حنّت ظهرها وطأة المحن والمآسي وقفت وقفة عزّ وكرامة ومعها ولدها، وفي كفّها دريهمات قليلة، وقالت هذا كلّ ما أملك، ولكنّني أريد بها أن أشتري الشرف لابني (إنّه قرش الأرملة كما جاء في الإنجيل) وكان لها ما أرادت ورغبت تقديراً لما أبدت من شعور الأمومة النبيلة وحبّها العظيم لكنيستها وإيمانها. وهكذا كان من نصيب الفتى (يعقوب جاني) أن يكون أوّل من باشر بحفر الأساسات، وألهبت هذه الأرملة المشاعر، فتبرّع الشعب بالكثير والدموع تملأ العيون والفرحة تغمر القلوب.
مراحل بناء الكنيسة
في ١١ أيلول من عام ۱۹۳۲ بوشر بناء كنيسة مار جرجس كانت الأساسات قد امتلأت بالبيتون، واستمرّ العمل من عام ١٩٣٢ حتّى عام ١٩٣٥ يشرف عليها الخبير المعمار الأوسطة (أفريم خضر) حيث لم يبق على انتهائها سوى الأعمدة والسقف، وأصبحت تشبه كنيسة الرسولين مار بطرس وبولص في الرها، وفي عام ١٩٣٧ ـ ١٩٣٨ تمّ صبّ السقف بالإسمنت والحديد المسلّح، واستبدل السقف القديم المصنوع من صفائح التوتياء، وقد تعهّد تنفيذ هذا العمل الخبير المعمار المعروف (إبراهيم حجّار)، فأقام أربعة أعمدة رمزاً للأناجيل الأربعة يرتكز عليها السقف، وعلى سطحها تعلو قبّة صغيرة باثنتي عشر نوافذ رمز للرسل الاثني عشر.
صبّ السقف بالبيتون المسلّح
وجاء يوم اللقاء والعمل للمرّة الثانية، فالتقى رفاق العمل كباراً وصغاراً في باحة الكنيسة، وبادروا إلى العمل وسط الهتافات والزغاريد منهم من اشترك مع العمّال، ومنهم من انصرف إلى نقل الماء، ومنهم من تبرّع من الإسمنت والحديد المسلّح وغيرها من الموادّ الضروريّة كالنحّاتة وغيرها، وقد أعطى المؤمنون مثالاً حيّاً في المحبّة والتضحية لأجل الكنيسة، حتّى انتهى قسم من صبّ سقفها وما تبقّى من العمل اكتمل عند المغيب في اليوم الثاني وعند منتصف النهار من ذلك اليوم قامت النساء الرهاويّات بتحضير الطعام (كبّة بعدس) للعمّال والعاملين من الشعب، ومدّ الرجال البسط والحصر على الأرض، وجلس الأهالي والعمّال جنباً إلى جنب على مائدة الكنيسة، مائدة المحبّة والوئام، وبارك الربّ يسوع تلك المائدة بمثل ما بارك الأرغفة الخمسة والسمكتين، فأكلوا جميعهم وشبعوا ورفعوا ما فضّل من الكسر اثنتا عشرة قفّة مملؤة. وتوقّف العمل خلال سنين الحرب العالميّة الثانية (وبعد الحرب) استؤنف العمل خلال الأعوام (١٩٤٦ – ١٩٥١) انتهى ما يلزم من زريقة وإنارة ومقاعد خشبيّة وستأثّر حريريّة. وأخيراً انتهى بناء الكنيسة بعد أن كان حلماً يمسّ القلوب ويفرح الشعب.
وفي صباح يوم الأربعاء في ٦ أيّار عيد القدّيس مار جرجس عام ١٩٥٣ حضر البطريرك مار أفرام الأوّل برصوم إلى حلب، واحتفل قداسته بالذبيحة الإلهيّة بعدها احتفل بطقس تقديس الكنيسة، وتمّ تدشين هذه الكنيسة على اسم القدّيس مار جرجس تخليداً لذكرى كنيسة قديمة بهذا الاسم في الرها منذ القرن الخامس. لقد استطاع هذا الشعب المؤمن الّذي هاجر من أرض الأجداد وهو لا يملك إلّا قوّة الإيمان والمحبّة وكما يقول سيّدنا يسوع المسيح عن الإيمان وقوّته: (الحقّ أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبّة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك، فينتقل ولا يكون شيء غير نعم، لقد قال هذا الشعب المؤمن للكنيسة في الرها انتقلي إلى حلب، فانتقلت بعونه تعالى وبقوّة الإيمان.
صور من مراحل بناء الكنيسة
حي السريان في طور البناء
الحواشي
- وأيضاً سافر المهندس عبود منصور إلى ألمانيا الغربيّة لدراسة الهندسة الميكانيكيّة في عام 1959، حيث أكمل سنتين دراسيّتين في مدينة ميونيخ. عاد إلى وطنه في عام 1963 لمتابعة دراسته في جامعة حلب. كان عضواً في قيادة الاتّحاد الوطنيّ لطلبة جامعة حلب، حتّى تخرجه عام 1970. شارك في حرب تشرين التحريريّة في أثناء أدائه الخدمة العسكريّة. عمل في شركات القطاع العامّ الإنتاجيّة، حيث كان جزءاً من شركة الأعمال الإنشائيّة من عام 1974 إلى 1976، ثمّ انتقل إلى الشركة العامّة لإنشاء الطرق “رودكو” حيث شغل منصب مدير مركزيّ للآليّات من عام 1976 إلى 1986. بعد ذلك، عمل في الشركة العامّة لاستصلاح الأراضي من عام 1986 حتّى تقاعده في عام 2002، حيث شغل منصب معاون لمدير الآليّات.
تمّ انتخابه عضواً في المكتب التنفيذيّ لمجلس مدينة حلب خلال الفترة من 1999 إلى 2003. وكان أيضاً عضواً في لجنة الهندسة الميكانيكيّة في فرع نقابة المهندسين بحلب خلال الفترة من 2001 إلى 2013. نعزي عائلته ومحبيه، داعين للرب أن يتغمده بواسع رحمته.