الملفونيثو سارة حنّا دوغرامجي
حلب ـ سوريا
sara.doghramji@gmail.com
زوجة القسّ جورج كلور (كاهن كنيسة مار جرجس في حلب حيّ السريان). مديرة ونائب صاحب مدرسة بني تغلب الثانية (1999-2022). درست الابتدائيّة في مدرسة بني تغلب الثانية، أتمّت الإعداديّة والثانويّة في معهد حلب العلميّ للبنات. حازت على إجازة في اللغة الإنجليزيّة وآدابها، وحاصلة على دبلوم في الترجمة والتعريب، بالإضافة إلى دبلوم في التأهيل التربويّ. اتّبعت دورات عديدة في مجال التربية والتنمية البشريّة وأهمّها دورة في إدارة المدارس لمدّة شهر في المملكة المتّحدة في عام 2005. مثّلت الكنيسة في العديد من المؤتمرات أقامها مجلس كنائس الشرق الأوسط عن المرأة وعن برامج للتربية الأسريّة. وفي مجال تبادل الخبرات في رياض الأطفال شاركت بلقاء تعريفيّ عن عمل الروضات في دولة السويد في عام 2011. تعمل حاليّاً في الحقل الكنسيّ في التنمية والدعم الاجتماعيّ. مؤلّفة كتاب “مشاعل الرها”.
عدد صفحات المشاركة 9 صفحات (A4) .
مدرسة بني تغلب الثانية بين الهجرة الأولى والثانية
الأمل والألم
هنالك لحظات في الحياة تختصر سعادة عمر بأكمله حين تشعر وكأنّك بلغت المنتهى، وامتلكت حقّك الكامل، ولم تعد تريد شيئاً آخر من الحياة. وكذلك الأمر في لحظات اليأس والإحباط وفقدان الأمل، تشعر وكأنّك تخسر كلّ الأشياء الجميلة الّتي اكتسبتها في هذه الحياة وكأنّها حبّات من رمل تنساب من بين أصابعك. هكذا كان الأمر خلال سنين الحرب المريرة الّتي عانينا منها، ونالت منها حلب النصيب الأكبر من الشقاء والمعاناة.
مخاض الهجرة الثانية
كان مشهداً متكرّراً في صبيحة كلّ يوم تقريباً، إذ كان يراجعني بعض الأولياء في غرفة الإدارة خاصّتي في مدرستي الّتي أحبّها “بني تغلب الثانية” والّتي شهدت الكثير من الألم، وحملت بين جدرانها وأروقتها الكثير من المعاناة والحزن. كان المراجعون من أولياء الطلّاب، يبادرون عادة بالحديث عن الوضع المرهق والمخيف الّتي آلت إليه الحال آنذاك من الكساد الاقتصاديّ وأعمالهم الّتي توقّفت تماماً، مترافقة مع الهواجس الّتي تراود أذهانهم عن أخطار الحرب من قتل وخطف وإصابات، وبعد ذلك السرد المستفيض عن الوضع المزري الّذي أصبحوا يعانون منه يوميّاً، ومن ثمّ ننتقل لخاتمة الحديث عن القرار الهامّ والصعب الّذي توصّلت إليه العائلة، ألا وهو الهجرة والسفر لمكان آمن يحمي أطفالهم وعائلاتهم.
كنت أستمع إليهم بصمت، وهم يستطردون بالحديث بوصف دقيق للحال، وفي أعينهم لمحات سريعة عمّا يجول في خاطرهم من مخاوف. وأنا أصغي لهذا الفيض من المشاعر، كانت تعترينني كلّ مشاعر الخيبة واليأس والفقدان. كم كان يصعب عليّ أن أسمع بأنّ أحد هؤلاء الأطفال الّذين كانوا لوهلة على مقاعدهم الدراسيّة وصوت ضحكاتهم تعلو في ردّهات وأروقة المدرسة، لن يكونوا حاضرين في الأيّام التالية، بل وسيكونون ذكرى على الورق في سجلّات أسماء التلاميذ.
موقف متكرّر كنت أشهده كلّ يوم على مدى سنوات عدّة، وأنا أرقب بصمت، إذ يعجز الكلام عن التعبير عن أيّ شيء. لا توجد أيّة كلمات أو اقتراحات تستطيع أن تقدّمها للأهل في هذا الحال الميؤوس منه. كان الأمر ينتهي بكلمات وداع مقتضبة في إحدى القاعات الصفّيّة حيث نقوم بمؤازرة الطالب، وهو يقوم بتوديع رفاقه الّذين يودّعونه بكلمات لا تتناسب مع سني أعمارهم الغضّة، والّتي لا يليق بها سوى الفرح وسماع الكلمات الحلوة، وليس كلمات الفراق والوداع الّتي يغصّون بها وهم يودّعون زميلهم بعباراتهم المفعمة بالحزن. ناهيك عن ذلك، الخسارة الأكبر الّتي عانينا منها أيضاً في المدرسة، والّتي كانت هجرة جزء لا يستهان به من الكادر التدريسيّ من ذوي الخبرات الّتي كنّا نفخر بها، ذات السيناريو السابق الّذي كان يخطّه الصغار أصبح الآن أبطاله من المعلّمين والمعلّمات الّذين كانوا من خيرة من ساهم في بناء المستوى التعليميّ لمدرستنا، حتّى وصلت إلى مصافّ المدارس الأولى في مدينة حلب، أيضاً كان قراراً صعباً عليهم اتّخاذه، مثل كافّة الناس، ألا وهو إنقاذ عائلاتهم من براثن الحرب، بالذهاب لمكان آخر أكثر أماناً حتّى ولو كان الثمن فقدان مستقبلهم المهنيّ أوّلاً وبيع ممتلكاتهم ثانياً، أذكر في إحدى السنوات الدراسيّة تحديداً في عام 2015 غادرنا نحو 45% من الكادر التعليميّ والإداريّ حيث كانت الهجرات في أوجها.
في كثير من الأحيان كنت أتأمّل بناء المدرسة والمرافق المحيطة بها وبالكنيسة، والّتي اقتضت الكثير من الجهد والتخطيط والتنفيذ من المجالس المليّة المتعاقبة الّتي كان همّها الأكبر إعداد مكان لائق برعيّتنا الّتي عانت الكثير بعد الهجرة الأولى من مدينتنا الأمّ “الرها” (كما هو موثّق في كتاب مشاعل الرها)، أتأمّل المكان، وفي مخيّلتي مقدار الحبّ والحماس والرغبة في الاستقرار الّذي سكبه آباؤنا وهم يبنون دون أن يدركوا يوماً بأنّ أصحاب المكان سيغادرونه إلى أماكن أخرى مشتّتة في العالم الرحب.
الهجرة الأولى ومرحلة التأسيس لبناء المدرسة
يجدر بنا الآن أن نعود بالذاكرة إلى الوراء، قرابة القرن من الزمان لنتوقّف عند الهجرة الأولى الّتي ألمّت بشعبنا الّذي ترك “الرها” تلك المدينة المقدّسة الّتي كانت وجهة القدّيسين وأوائل المسيحيّين، لا بل وكانت منبت آباء كنيستنا الّذين استقوا من وحيها الأشعار والميامر والترانيم الّتي نرنّمها إلى يومنا هذا، كيف لا وهي كانت الإمارة الأولى الّتي آمن ملكها “أبجر الأسود” وشعبها برسالة السيّد المسيح، واعتنقوا المسيحيّة الّتي أصبحت الدين الأساسيّ للإمارة، والّتي اكتسبت على أثرها شهرة واسعة لكون اللغة السريانيّة الفصحى الّتي كانت تستخدمها كانت بحسب قول الباحثين، كانت من أنقى اللهجات بالإضافة لكونها كانت اللغة الرسميّة لمدرسة الرها الشهيرة، الّتي كانت بمثابة الجامعة والّتي اشتهرت بمناهجها اللاهوتيّة والفلسفيّة واللغويّة والفكريّة، ومن أشهر من تولّى رئاستها بين (363-373 م) مار أفرام السرياني، نبيّ السريان وشمسهم، وكنّارة الروح القدس. من هذه المدينة المباركة انتقل هذا الشعب السريانيّ الرهاوي، شعب عريق أصيل ساهم في بناء حضارة ما بين النهرين، واشتهر بالعطاء الفكريّ، وزوّد العالم بإسهامات فكريّة كثيرة، اقتلع من جذوره لأسباب لا إنسانيّة، وترك مدينته قسراً، وتمّ تهجيره إلى سوريّة في 25 من شهر شباط في عام 2024.
فتحت مدينة حلب ذراعيها للشعب الرهاويّ المضطهد، واحتضنت حطامه وداوت جراحه ليستطيع أن يبدأ من جديد. البدايات دائماً تكون صعبة، وبالأخصّ لشعب بأسره جاء بأخفّ الأحمال من بلده مخلّفاً وراءه أرضه وأملاكه ومقتنياته ليكون بالنهاية لاجئاً في بلد آخر. لم يكن هذا الشعب يمتلك من أدوات أو مقوّمات للحياة، سوى إيمانه وإصراره على أن يولد من جديد على أرض أخرى. كانت اللغة العربيّة من التحدّيات الّتي واجهته منذ البداية، قد يكون هذا سبباً من أسباب إصراره على التعلّم، إلى جانب إصراره على الحفاظ على إيمانه من خلال الحفاظ على تعاليم وطقوس كنيسته. لذلك كان القرار الهامّ بالبدء دونما إبطاء بإرساء الأسس لإنشاء مدرسة بجانب الكنيسة الّتي كانت من الأولويّات.
لا يوجد مكان ملائم ولا توجد الأدوات اللازمة، ولكن هنالك الشغف والإيمان لذلك كانت البداية بخيمة للتعليم نصبت على نفس العقار المخصّص لإقامة كنيسة، بعد حوالي العام على انتقال شعبنا لمدينة حلب وبعد الانتهاء من بناء الكنيسة الخشبيّة، والّتي كانت تضمّ المدرسة أيضاً، والّتي كان من أهدافها الأساسيّة، تعليم الطلّاب مبادئ اللغة السريانيّة وألحان الكنيسة والصلوات، بالإضافة لتعليمهم اللغة العربيّة، كانت الصفوف تفتتح تباعاً، وفي كلّ مرحلة يعدّ صفّ جديداً هنا وهناك في أرجاء باحة عقار الكنيسة، ولم تكتمل المرحلة الابتدائيّة إلّا بعد سنوات عديدة.
كان الطلّاب في البدايات يعانون من ظروف صعبة للغاية، من نقص في اللوازم والأدوات اللازمة للاستمرار من ناحية اللباس والمرافق العامّة، إذ كانوا يذهبون لبيوتهم أثناء الدوام، لقضاء حاجتهم لعدم توفّر دور المياه في المدرسة، لم تكن المدرسة تمتلك آنذاك منهاجاً محدّداً، إذ كان من المرجّح أن يكون مقتبساً من المدارس الأخرى، إذ أنّ احتكاك معلّمات مدرستنا ببعض مدارس الراهبات جعل بعضهنّ تستعنّ ببرامج وأساليب تلك المدارس؛ نظراً لعدم وجود خطّة دراسيّة معيّنة أو ثابتة لتطبيقها. وفي فترة لاحقة أصبحت المدرسة تعرف من قبل مديريّة التربية باسم مدرسة السريان الأرثوذكس الخاصّة كانت الحالة المعيشيّة لعائلاتنا صعبة آنذاك، وكان متعذّراً عليهم دفع الأقساط الدراسيّة ولكي تتمكّن المدرسة من تلبية الاحتياجات ودفع رواتب المعلّمين كانت الكنيسة تساهم بواسطة لجانها ومؤسّساتها وتقدّم المساعدات والمنح للطلّاب المحتاجين والمتفوّقين بمساهمة صناديق الكنيسة.
ومع كلّ الصعوبات الّتي مرّت على المسيرة التربويّة، كان الاهتمام متصاعداً في النواحي التربويّة والثقافيّة الّتي ترعى مواهب الطلّاب من خلال الحفلات والنشاطات التثقيفيّة الأخرى، والاهتمام الأساسيّ بتعليم الطلّاب اللغة السريانيّة وطقوس الكنيسة إلى جانب اللغة العربيّة والأجنبيّة (الفرنسيّة في بدء التأسيس، والّتي استبدلت لاحقاً باللغة الإنكليزيّة) استمرّت المدرسة هكذا إلى أن تمّ إعطاء المدرسة اسمها الحاليّ، مدرسة بني تغلب الثانية، وذلك بناء على قرار مديريّة التربية بحلب، كان للكنيسة دور لإطلاق الاسم الجديد للمدرسة نسبة لقبيلة بني تغلب الشهيرة بين القبائل العربيّة، إذ كانت من القبائل العربيّة النصرانيّة، وكانت على مذهب كنيسة أنطاكيّة السريانيّة الأرثوذكسيّة. كان الحدث الأهمّ في عام 1957، وفي عهد نيافة المطران جرجس القسّ بهنام، وضع حجر الأساس لمبنى المدرسة القديم (مستوصف مار جرجس حاليّاً) وترخيصها بشكل نظاميّ.
بناء المدرسة الجديدة وحصاد النجاح والتفوق
استمرّت المدرسة بنجاح في تخريج الأجيال المتعاقبة في هذا البناء لسنوات عديدة إلى أن اقتضت الحاجة للتوسّع بغرف صفيّة أكبر ومرافق تواكب احتياجات العمليّة التعليميّة الحديثة، فكان وأن تمّ التوسّع بشراء العقارات المحيطة بباحة المدرسة بهمّة مطران الأبرشيّة، مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم الّذي لم يوفّر جهداً في سبيل إقامة بناء حديث للمدرسة بالتعاون مع المجالس المليّة المتعاقبة آنذاك، وذلك بعد أن توفّر المال اللازم لإنشاء صرح المدرسة الجديد بتبرّع سخيّ من الملفونو جان كلور. وفي مطلع عام 2000 تمّ افتتاح المبنى الجديد للمدرسة بحضور قداسة الحبر الجليل مار اغناطيوس زكا الأوّل عيواص، وبعد الانتقال للمبنى الجديد الّذي طالما حلمنا به كإدارة وأولياء وكنيسة بأكملها (وكنت آنذاك في عامي الأوّل في إدارة المدرسة) استمرّت المدرسة بالنجاحات المتتالية، وكان الوقت قد حان لإضافة مرحلة جديدة وهي المرحلة الإعداديّة الّتي كانت المدرسة في ترقّب كبير للحصول عليها، فور أن أصبح الأمر متاحاً من قبل مديريّة التربية.
كان الأمر أشبه بالحلم الّذي تحقّق أخيراً، أن يصبح للمدرسة مرحلة إعداديّة تضمّ أبناءها وتجنّبهم التوجّه لمدارس أخرى متنوّعة وهم في سني مراهقتهم الأولى. انصب يومها الاهتمام الأكبر حول الارتقاء بالمدرسة لمستوى المدارس الأولى بحلب، وذلك بتطوير الكادر التعليميّ والإداريّ للمدرسة بتدريبهم من خلال دورات تعليميّة و تربويّة متعدّدة، وذلك بتشجيع من راعي الأبرشيّة لإدارة المدرسة في خططها التطويريّة، وذلك إلى جانب الاهتمام بالمستوى الدراسيّ للطلّاب، وحثّهم على تحقيق الدرجات العليا في دراستهم، وتحقّق ذلك من خلال النتائج النهائيّة الّتي كانت تحصل عليها المدرسة من خلال امتحانات التعليم الأساسيّ، والّتي كانت مدرستنا تحقّق فيه نسب نجاح تامّة وبدرجات تفوق عالية، الأمر الّذي دعا مديريّة التربية لتكريم إدارة المدرسة لسنوات دراسيّة عديدة لتحقيق هذا الإنجاز. كان إنجازاً حقيقيّاً بأن نخطو بخطوات راسخة نحو الهدف بالاستقرار والنجاح والتميّز بمجتمعنا الجديد بعد سنوات من التعب والإرهاق والتعثّر بالصعوبات والعقبات الّتي أبى شعبنا إلّا وأن يذلّلها باجتهاده وإيمانه الراسخ بكنيسته الّتي لم يشأ أن يراها ذليلة يوماً، بل كان حلمه أن يرتقي بها لتكون بمصافّ كنيسة رها الأولى. لكنّ براثن الحرب لم توفّر جهداً لتهديم كلّ ما بناه هذا الشعب بعرقه ودموعه، من أصعب المشاهد على الإطلاق أن تشهد يوماً ما بنته يديك، ينهار أمامك دون أن يكون بمقدورك أن تنقذ شيئاً.
الموعد المشؤوم
تلك كانت معضلة الشعب السوريّ عامّة والشعب الرهاويّ خاصّة، لا بل كانت المعضلة الأعظم الّتي ألمّت بكنيستنا، فقدان مطران أبرشيّة حلب وتوابعها وصاحب مدرستي بني تغلب الأولى والثانية، نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنّا إبراهيم، حين تمّ اختطافه في 22 من نيسان من عام 2013، من قبل جهة مجهولة، ولم يعرف عن مصيره بشيء حتّى تاريخ كتابة هذه السطور. ارتبط ذكرى اختطاف سيّدنا يوحنّا إبراهيم باسم مدرسة بني تغلب الثانية، لأنّها كانت المكان الأخير الّذي قدّم فيه خدمته الرعويّة الأخيرة، ومن بعدها انطلق لموعده المشؤوم الّذي لم يعد منه حتّى هذا اليوم. لقد اعتاد سيّدنا المطران زيارة المدرسة مرّتين بالعام الواحد، المرّة الأولى أثناء بدء العام الدراسيّ، ليهنّئ الطلّاب ويقدّم لهم الدعم والتحفيز اللازمين للدراسة والمثابرة، والمرّة الثانية أثناء التقاط الصورة الجماعيّة للصفوف وبالأخصّ الصفّ التاسع الأساسيّ الّذي اعتاد أن يلتقي بهم بعد الصورة الجماعيّة على مائدة الإفطار، بلقاء أبويّ يقدّم لهم فيه النصح والإرشاد قبل أن يغادروا المدرسة لمدرسة ثانويّة أخرى. في ذلك اليوم بعد أن أخذ معهم الصورة التذكاريّة استعدّ للذهاب إلى الموعد الهامّ بحسب قوله، بعد أن قدّم لنا وعده بأن يؤجّل جلسته المعتادة مع الطلّاب إلى صباح اليوم التالي، غادر المكان، ولكنّه لم يعد أبداً. وسائل الإعلام تضجّ بعد ظهيرة ذلك اليوم بخبر اختطاف نيافته من قبل جهة مجهولة، كان يوماً مؤلماً لجميع أفراد الرعيّة ولكلّ من عرفه معرفة شخصيّة. وكانت اللقطات الأخيرة من الصور الّتي أخذها مع الطلّاب والمدرّسين تحمل الكثير الحزن، لأنّها تذكّرنا دائماً بأنّ مدرستنا كانت المحطّة الأخيرة من الخدمة الرعويّة الزاخرة للمطران يوحنّا إبراهيم. والّذي نأمل يوماً بأن يفاجئ رعيّته بعودته إليها سالماً.
الأمل بعد العاصفة
والآن وبعد انقضاء اثني عشر عاماً على بداية الحرب في سوريّة، إن تأمّلنا بما وصلت إليه الحال بعد هذه السنوات، نرى المؤشّرات الواضحة الّتي تدلّ على هجرة معظم العائلات الفتيّة والجيل الشابّ من الرعيّة، والّذي مازال مستمرّاً لحدّ ما حتّى يومنا هذا، مع بقاء الآباء والأمّهات من المسنّين بعد أن غادرهم أبناؤهم، بالإضافة إلى القلّة الباقية من العائلات الشابّة الّتي نعوّل على استمرارهم في البقاء. بهذا الحال أصبح عدد طلّابنا أقلّ من السابق بكثير لقلّة الزيجات ولقلّة العائلات الناشئة، الأمر الّذي سيؤدّي لانتساب طلّاب آخرين للمدرسة لاستكمال الأعداد الصفيّة، بعد أن كان فيما مضى لا يتّسع لضمّ كافّة أطفال الرعيّة سابقاً. والآن وبعد مضيّ هذه السنوات وبلوغ سنوات هجرتنا الأولى من الرها المئة عام، كنّا نأمل ونحن نبلغ هذه الذكرى المئويّة أن يكون احتفالنا مختلفاً جدّاً، وأن يكون له طابع آخر من الرضا والفخر بما أنجزناه خلال المئة عام، ولكنّ الأقدار خطت لنا نهاية مختلفة، قد تكون محزنة ومحبطة للغاية، ولكن بالمقابل قد تكون في الوقت نفسه تدعو للتفاؤل، بأن ينجز أبناءنا في عالمهم الجديد الكثير من التقدّم والازدهار الّذي من شأنه أن يرفع من اسم كنيستنا، ويرسل رسائل حبّ من عبق تاريخنا إلى العالم الرحب، ويعرف الجميع بتراث الكنيسة الرهاويّة، على أمل بأن نلتقي يوماً ما بوطن يجمعنا من جديد.
إلى أن نلتقي…
زيارة قداسة الحبر الجليل مار اغناطيوس زكا الأول عيواص للمدرسة للمشاركة في احتفالية تخريج الدفعة الأولى من الصف التاسع الأساسي في عام ٢٠٠٦
صورة لنيامة المطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم مع الكادر الإداري والتعليمي
تخرّج الصف التاسع الأساسي بحضور نيافة المطران مار غريغوريوس يوحنا ابراهيم
الصورة الأخيرة لنيافة المطران يوحنا ابراهيم مع طلاب الصف التاسع قبل الذهاب لموعد اللاعودة
صورة من الزيارة الرعوية لقداسة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني للمدرسة في عام ٢٠١٦
صورة من الزيارة الرعوية لقداسة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني للمدرسة في عام ٢٠١٦
صورة من الزيارة الرعوية لقداسة البطريرك مار اغناطيوس افرام الثاني للمدرسة في عام ٢٠١٦
الطاقم الإدارة والتدريسي لمدرسة بني تغلب الثانية
شهادة تكريم من مديرية التربية لمدرستنا لتحقيقها التفوق ولنسبة النجاح التامة في امتحان شهادة التعليم الأساسي
صورة من مشاركتي في دورة تدريبية لمدة شهر لإدارة المدارس في المملكة المتحدة غي عام ٢٠٠٥